سورة الأعراف - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


{وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مّنْ غِلّ} أي نخرج من قلوبهم أسباب الغل، أو نطهرها منه حتى لا يكون بينهم إلا التواد. وعن علي كرم الله وجهه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم. {تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الأنهار} زيادة في لذتهم وسرورهم. {وَقَالُواْ الحمد لِلَّهِ الذى هَدَانَا لهذا} لما جزاؤه هذا. {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا الله} لولا هداية الله وتوفيقه، واللام لتوكيد النفي وجواب لولا محذوف دل عليه ما قبله. وقرأ ابن عامر {ما كنا} بغير واو على أنها مبينة للأولى. {لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبّنَا بالحق} فاهتدينا بإرشادهم. يقولون ذلك اغتباطاً وتبجحاً بأن ما علموه يقيناً في الدنيا صار لهم عين اليقين في الآخرة. {وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الجنة} إذا رأوها من بعيد، أو بعد دخولها والمنادى له بالذات. {أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} أي أعطيتموها بسبب أعمالكم، وهو حال من الجنة والعامل فيها معنى الإِشارة، أو خبر والجنة صفة تلكم وأن في المواقع الخمسة هي المخففة أو المفسرة لأن المناداة والتأذين من القول.


{وَنَادَى أصحاب الجنة أصحاب النار أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّا} إنما قالوه تبجحاً بحالهم وشماتة بأصحاب النار وتحسيراً لهم، وإنما لم يقل ما وعدكم كما قال: {مَّا وَعَدَنَا} لأن ما ساءهم من الموعود لم يكن بأسره مخصوصاً وعده بهم، كالبعث والحساب ونعيم أهل الجنة. {قَالُواْ نَعَمْ} وقرأ الكسائي بكسر العين وهما لغتان. {فَأَذَّنَ مُؤَذّنٌ} قيل هو صاحب الصور. {بَيْنَهُمْ} بين الفريقين. {أَن لَّعْنَةُ الله عَلَى الظالمين} وقرأ ابن كثير في رواية للبزي وابن عامر وحمزة والكسائي {أَن لَّعْنَةُ الله} بالتشديد والنصب. قرئ: {إِن} بالكسر على إرادة القول أو إجراء أذن مجرى قال.
{الذين يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} صفة للظالمين مقررة، أو ذم مرفوع أو منصوب. {وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} زيغاً وميلاً عما هو عليه، والعوج بالكسر في المعاني والأعيان ما لم تكن منتصبة، وبالفتح ما كان في المنتصبة، كان في المنتصبة كالحائط والرمح. {وَهُم بالأخرة كافرون}.
{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ} أي بين الفريقين لقوله تعالى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ} أو بين الجنة والنار ليمنع وصول أثر إحداها إلى الأخرى. {وَعَلَى الأعراف} وعلى أعراف الحجاب أي أعاليه، وهو السور المضروب بينهما جمع عرف مستعار من عرف الفرس وقيل العرف ما ارتفع من الشيء فإنه يكون لظهوره أعرف من غيره. {رِجَالٌ} طائفة من الموحدين قصروا في العمل فيحبسون بين الجنة والنار حتى يقضي الله سبحانه وتعالى فيهم ما يشاء وقيل قوم علت درجاتهم كالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أو الشهداء رضي الله تعالى عنهم، أو خيار المؤمنين وعلمائهم، أو ملائكة يرون في صورة الرجال. {يَعْرِفُونَ كُلاًّ} من أهل الجنة والنار. {بسيماهم} بعلامتهم التي أعلمهم الله بها كبياض الوجه وسواده، فعل من سام إبله إذا أرسلها في المرعى معلمة، أو من وسم على القلب كالجاه من الوجه، وإنما يعرفون ذلك بالإلهام أو تعليم الملائكة. {وَنَادَوْاْ أصحاب الجنة أَن سلام عَلَيْكُمْ} أي إذا نظروا إليهم سلموا عليهم. {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يُطْعِمُونِ} حال من الواو على الوجه الأول ومن أصحاب على الوجوه الباقية.
{وَإِذَا صُرِفَتْ أبصارهم تِلْقَاء أصحاب النار قَالُواْ} نعوذ بالله. {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ القوم الظالمين} أي في النار.
{ونادى أصحاب الأعراف رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بسيماهم} من رؤساء الكفرة. {قَالُواْ مَا أغنى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ} كثرتكم أو جمعكم المال. {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} عن الحق، أو على الخلق. وقرئ: {تستكثرون} من الكثرة.
{أهؤلاء الذين أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ الله بِرَحْمَةٍ} من تتمة قولهم للرجال، والإِشارة إلى ضعفاء أهل الجنة الذين كانت الكفرة يحتقرونهم في الدنيا ويحلفون أن الله لا يدخلهم الجنة {ادخلوا الجنة لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ} أي فالتفتوا إلى أصحاب الجنة وقالوا لهم ادخلوا وهو أوفق للوجوه الأخيرة، أو فقيل لأصحاب الأعراف ادخلوا الجنة بفضل الله سبحانه وتعالى بعد أن حبسوا حتى أبصروا الفريقين وعرفوهم وقالوا لهم ما قالوا.
قيل لما عيروا أصحاب النار أقسموا أن أصحاب الأعراف لا يدخلون الجنة فقال الله سبحانه وتعالى أو بعض الملائكة هؤلاء الذين أقسمتم. وقرئ: {أَدْخِلُواْ} و{دخلوا} على الاستئناف وتقديره دخلوا الجنة مقولاً لهم {لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ}.
{ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الماء} أي صبوه، وهو دليل على أن الجنة فوق النار. {أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله} من سائر الأشربة ليلائم الإِفاضة، أو من الطعام كقوله: علفتها تبناً وماء بارداً. {قَالُواْ إِنَّ الله حَرَّمَهُمَا عَلَى الكافرين} منعهما عنهم منع المحرم من المكلف.


{الذين اتخذوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا} كتحريم البحيرة والتصدية والمكاء حول البيت واللهو صرف الهم بما لا يحسن أن يصرف به، واللعب طلب الفرح بما لا يحسن أن يطلب به. {وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا فاليوم ننساهم} نفعل بهم فعل الناسين فنتركهم في النار. {كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هذا} فلم يخطروه ببالهم ولم يستعدوا له. {وَمَا كَانُواْ بئاياتنا يَجْحَدُونَ} وكما كانوا منكرين أنها من عند الله.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12